موقع السلطة
الخميس، 18 أبريل 2024 09:18 صـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
لايت

الإفتاء تحسم الجدل: هؤلاء اليوتيوبرز لهم عذاب في الدنيا والآخرة

الإفتاء
الإفتاء

منوعات.. كشفت دار الإفتاء حكم نشر "اليوتيوبرز" تفاصيل حياتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، بعدما أصبح الأمر ظاهرة ووصل إلى نشر هؤلاء مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم.

وقالت الإفتاء إن بث ونشر "اليوتيوبرز" المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل، تعليقًا أو مشاركةً أو إعجابًا، حولها، إن كان مما يصح اطلاع الغير عليه فلا مانع منه شرعًا، وإن كان مما لا يجوز للغير الإشعار به مما يُعَيَّب به المرء، فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا وذلك لما فيه من إشاعة الفاحشة فى المجتمع، وهى جريمة أناط بها الشرع الشريف عقوبة عظيمة، إضافة لما يحويه هذا النشر بهذه الكيفية من التعارض الكلى مع حث الشرع الشريف على الستر والاستتار.

جاء ذلك ردا على طلب فتوى جديدة حول ظاهرة "اليوتيوبرز" الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. وما حكم ذلك؟

وأضافت الدار فى فتواها، أنه من المحتوى الذى لوحظ تقديمه من قِبَل "اليوتيوبرز" نَشْر بعضهم الشؤون اليومية الخاصة به وبأسرته كأماكن جلوسه فى بيته مع زوجته، ومواضع نومه، ومقر اجتماعه للأكل والشرب مع عائلته حتى وصل الهوس حد نشر طقوس نومه واستيقاظه، وتحركات أطفاله، حتى دخوله للخلاء!

ولفتت الدار إلى أن البَثَّ للشؤون الشخصية ومشاركة الآخرين لمشاهدة ذلك يفرق فيه بين حالين، أولهما: ما يصح إِطْلاع الغير عليه، وثانيهما: ما لا يصح إِطْلاع الغير عليه، فالأول كتفاصيل الحياة العادية التى لا يَأنَف الشخص من معرفة الغير بها كشَكْله، ونوع سيارته، ونحوه فهذا أمر لا مانع منه شرعًا.

وأما النوع الثانى، فأوضحت الدار أنه مما يُعيَّب به المرء فلا يجوز للغير الاطلاع عليه، ونشر ذلك رغبةً فى زيادة التفاعل، بالتعليق أو الإعجاب أو المشاركة، حول ما يُنْشَر مذموم شرعًا، لأنَّه من قبيل إشاعة الفاحشة فى المجتمع، وهى جريمة حَذَّر منها الحق سبحانه وتعالى فى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19].

وأضافت أن الآية عامة فى الذين يَلتمسون العورات، ويهتكون الستور، ويشيعون الفواحش، حيث قال الإمام الفخر الرازى فى "مفاتيح الغيب" (11/ 279، ط. دار الفكر): "لا شك أن ظاهر قوله: {إِنَّ الذين يُحِبُّونَ} يفيد العموم وأنه يتناول كل من كان بهذه الصفة، ولا شك أن هذه الآية نزلت فى قذف عائشة، إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فوجب إجراؤها على ظاهرها فى العموم، ومما يدل على أنه لا يجوز تخصيصها بقذفة عائشة، قوله تعالى فى: {الذين آمَنُواْ} فإنه صيغة جمع ولو أراد عائشة وحدها لم يجز ذلك".

وأكدت دار الإفتاء أن الإسلام جعل إشاعة الفاحشة وفعلها فى الوِزْر سواء لعظم الضرر المترتب فى الحالتين فقد أخرج الإمام البخارى فى "الأدب"، عن على بن أبى طالب قال: «القائل للفاحشة والذى يشيع بها فى الإثم سواء»، وقال عطاء ‏: «من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقًا».

كما رَتَّب النبى صلى الله عليه وآله وسلم على جريمة إشاعة الفاحشة عقوبة عظيمة، فقال: "أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمةٍ هو منها برئ يشينه بها فى الدنيا، كان حقًّا على الله أن يذيبه يوم القيامة فى النار حتى يأتى بنفاذ ما قال".

وذهبت دار الإفتاء المصرية إلى أَنَّ نشر مثل هذه المقاطع المصورة التى لا يصح إِطْلاع الغير عليها يتنافى كليًّا مع حَثِّ الشرع الشريف على الستر والاستتار، لأنَّ أمور العباد الخاصة بهم مبنية على الستر، فلا يصح من أحد أن يكشف ستر الله عليه ولا على غيره، قال النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» (رواه مسلم). وفي رواية لابن ماجه: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ».

وأوضحت الدار أنه لعناية الشرع الشريف بالستر والاستتار، فقد حثَّ مَن ابتلى بمعصيةٍ ألا يُخبر بها، بل يُسرها ويستغفر الله منها ويتوب إليه، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ»، (أخرجه مالك في "الموطأ") حتى نَصَّ الفقهاء، بناء على ذلك، على أنه يستحب لمن ارتكب معصية أن يستر على نفسه وعلى الغير.

وتابعت الدار: "إضافة لذلك.. فإنَّ نشر هذه الخصوصيات بهذه الكيفية المذمومة هو مِن طلب الشُّهْرة الذي كَرِهه السلف الصالح، ويندرج تحت قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ»، كما روى البيهقى فى "الشُّعَب" عن أنس أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حسبُ امرئ من الشر أن يشير الناس إليه بالأصابع فى دينه ودنياه إلا من عصمه الله».

ولفتت فتوى دار الإفتاء إلى الموقف القانونى من إفشاء الخصوصيات بصورة معيبة، حيث أكدت أن إفشاء مثل هذه الخصوصيات الشخصية بهذه الصورة المعيبة هو أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018، والخاص بـ«مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، فقد جَرَّم المشرع المصرى فى هذا القانون نشر المعلومات المُضللة والمُنحرفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائى للمحتوى المعلوماتى غير المشروع، ففى المادة (25) من القانون المشار إليه نَصَّ على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة ...".

وفى سياق متصل، أشارت الدار إلى أن القانون نص أيضًا فى المادة (26) على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَنْ تَعمَّد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة مِن شأنها المساس باعتباره أو شرفه".

البنك الأهلي
منوعات دار الإفتاء اليوتيوبرز فتوى جديدة
serdab serdab serdab serdab
CIB
CIB