موقع السلطة
الجمعة، 29 مارس 2024 01:55 صـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
مقالات رأي

الكاتبة السودانية.. الجهل أبو المصائب

الكاتب الصحفي حسن شرف
الكاتب الصحفي حسن شرف

أطلت علينا الكاتبة لديكم في موقع الانتباهة سهير عبدالحميد، بفن جديد من فنون الصحافة، لا هو خبر، ولا تقرير، وهو بالتأكيد ليس مقالا صحفيًا، الكاتبة جمّعت معلومات مختلفة، بعضها غير دقيق والآخر خيالي، وعنونت هذه السطور بـ"مصر أم المصائب"، بتاريخ 16 مارس الجاري. الكاتبة تمادت بخيالها لرسم صورة لفيروس كورونا وهو يعيش بين المصريين، بل ووجه الدعوة لباقي الفيروسات؛ على اعتبار أن مصر دولة دون أسوار صحية تحمي مواطنيها من هجوم فيروسي. ولما قدمته الكاتبة عدة وقفات.

 

الرسالة السابقة لاقت ردًا من مسئولي موقع الانتباهة السوداني الذي نُشر فيه مقال "مصر أم المصائب"، بينما لم يجد المقال المرفق معها نفس الرد، وهو ما يشير إلى أن للموقع نفسه سياسة عدائية، ولا يتمتع بالمهنية المطلوبة لتحقيق المبدأ المعروف في الصحافة وفنونها "الرأي والرأي الآخر".

 

أولًا، الرواية التي ذكرتها الكاتبة بشأن إصابة زوجة رئيس وزراء كندا، رواية رائعة لفيلم خيالي يُعرض على القنوات التلفزيونية، حيث إن البيان الرسمي الصادر عن مكتب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أكد أن زوجته صوفى ظهرت عليها عوارض مشابهة لعوارض الزكام عقب عودتها من "لندن"، وخضعت لفحص "كوفيد-19" وجائت إيجابية، أما ابنة الشقيقة والتلميذة المصرية في المقال المذكور، فهما بالتأكيد شخصيتين خياليتين من وحي المؤلفة، لم تذكرهما أي بيانات رسمية ولا غير رسمية.

 

ثانيًا، أكدت الكاتبة أن الفحوصات أثبتت أن وزيرة الصحة البريطانية تحمل فيروس (كورونا)، وذلك عقب زيارة رسمية لمصر التقت خلالها عددًا من المسؤولين رفيعي المستوى، والمفارقة أنه لا يوجد مسؤول رفيع في مصر حاملا للفيروس، كما أن وزيرة الصحة البريطانية نفسها لم تكن في مصر، ومن الواضح أن خيال الكاتبة يزداد فقرة بعد فقرة، ولو فكرت قبل أن تكتب، ما كتبت معلومة يمكن أن تنسف ما قدمته.

 

وفي فقرتها الثالثة؛ تخلت الكاتبة عن أبسط قواعد المهنة، وهي "عدم الكتابة دون تدقيق للمعلومات"، الغريب أنها كتبت الفقرة وكأنها تُلقي من على كاهلها حملٌ كبير. وارد أن يكون هذا الحمل إدراكها بأنها لا تقول الحقيقة، ووراد أيضا أن يكون الهدف هو تحميل مصر أي "مصائب" والسلام، بل والادعاء بأن مصر هي أمها، وذلك دون التطرق إلى أرقام وحقائق، على الرغم أنه باتباع أبسط قواعد البحث، كانت ستجد الكاتبة، كما سيجد من يقرأ لها، أن كل المعلومات الواردة في ما كتبته ليست دقيقة، بل كاذبة.

 

وفي الفقرة الرابعة؛ ادعت الكاتبة أن الأرقام "غير المعلنة" توضح أن مصر قد تكون أعلى من الصين وإيطاليا، ومع تقديرنا واحترامنا للجهود المبذولة في الدولتين المذكورتين، فإن الأرقام فيهما حتى 21 مارس حسب منظمة الصحة العالمية، وصل إجمالي الحالات المؤكدة في الصين إلى (81267)، بينما وصل عدد الوفيات إلى (3259)، أما الأرقام في إيطاليا وصلت إلى (47021)، بينما وصل عدد الوفيات إلى (4032).

 

وهي أرقام لا تستطيع مصر ولا غيرها أن تُخفيها، ولا حتى أن تخفي 1% منها، ناهيك عن إشادة منظمة الصحة العالمية بتعامل الحكومة المصرية مع الأزمة، مؤكدةً أنها تمتلك نظامًا قويًا في تتبع الحالات ومتابعة الفيروس. ونحن هنا لا نرد على ما كتبته الكاتبة لمجرد الدفاع، وذكر معلومات إيجابية دون التحقق منها، ولكن يستطيع أي قارئ الآن أن يتحقق من كل معلومة يتعرض لها في هذا المقال.

 

وفي نفس الفقرة، طالبت الكاتبة إعلان مصر فورًا منطقة موبوءة وأكبر حاضنة للفيروس، ولن أطالب الكاتبة بالاتصال بوزارة الخارجية السودانية لتوصلها بأي من أبناء السودان المقيمين في مصر، لتسأله عن طبيعة الأوضاع، وهل أصيب أي من معارفه، مع العلم أن الجالية السودانية من أكبر الجاليات في مصر، وهم في دولتهم الثانية معززين مكرمين، ولن أطالبها بالاطلاع على بيانات وزارة الصحة المصرية- لأنها بالتأكيد لا تثق فيها- ولن أطالبها بالاطلاع على بيانات منظمة الصحة العالمية، كما أنني لن أطالبها بالاطلاع على رد الكاتب السوداني الواثق كمير، لكنني سأطلب منها أن تترك الأمور لأهلها، سواء في الصحة أو الكتابة.

 

الكاتبة بعد ذلك تخلت عن ما بقيّ من الأدب، وادعت أن سبب انتشار الفيروس في مصر- حسب وصفها- مرده إلى انعدام ثقافة النظافة لدى المصريين، وعدم تمتعهم بسلوكيات بسيطة مثل (الاستحمام والسواك وغسل الأيدي بالصابون). وهنا لن أرد على الإساءة بإساءة، وذلك لأن للكتابة أخلاق، من الواضح أن الكاتبة لا تعلم عنها شيئًا.

 

خيال الكاتبة أو مرضها، صور لها أن تتمادى في سلوكها العدواني، مصورة مصر بأنها أرض خصبة للفيروسات بمختلف أنواعها، ولا تعلم أن مصر عالجت الآلاف من السودانيين المقيمين في مصر من فيروس سي، في إطار حملة 100 مليون صحة التي أطلقها الرئيس المصري لمعالجة المصريين من الفيروس.

 

كما أن مصر بالتزامن مع المرحلة الانتقالية للسودان، أرسلت الكثير من المساعدات الإنسانية دعما منها للأشقاء في السودان، آخرها في سبتمبر 2019، وتم استقبال المساعدات الأخيرة في ساحة الحرية بالخرطوم من قبل عدد من المسئولين السودانيين، وعلى رأسهم كل من محمد السناري مصطفى المفوض العام لمفوضية العون الإنساني السودانية، والرشيد سعيد المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين بقوى الحرية والتغيير، إلى جانب قيادات من وزارتيّ الدفاع والخارجية، والهلال الأحمر السوداني.

 

يجد المغمورون سواء كتابًا أو غيرهم؛ ضالتهم في هجومهم على مصر، لكنها ستبقى ضالة ضارة غير نافعة.

البنك الأهلي
الكاتبة السودانية مصر فيروس كورونا السودان مقالات رأي حسن شرف
serdab serdab serdab serdab
CIB
CIB